Résumé:
تُشكّل حرية التنقُّل واحدة من أهمّ مُشتملات الحرية الشّخصيّة للإنسان، فهي بمثابة القاطرة لباقي الحقوق والحرّيات الأخرى، إذ يتّسع مجال ممارسة الإنسان لحقوقه وحرّياته المختلفة عند إطلاق ممارسة هذه الحرّية، والعكس صحيح فعند المغالاة في تقييدها ستتأثر الحقوق والحرّيات الأخرى بلا أدنى شكّ. لهذا فقد حَظِيت حرّية التنقُّل بحماية قانونية بارزة، لكن وكغيرها من الحرّيات الأخرى فهي ليست بالمطلقة، بل يمكن تقييد ممارستها للأسباب التي ينص عليها القانون، ويظهر ذلك من خلال مجموعة من القرارات والتصرُّفات التي تصدر عن الإدارة في مواجهة المواطنين الذين لا تملك حيالهم سوى نطاق ضيّق لتقييد حرّيتهم في التنقُّل، وذلك نتيجةً للحماية الدستورية المتعلّقة بممارسة هذه الحرّية، على عكس الأجانب الذين تملك الإدارة في مواجهتهم سلطان شبّه مطلق في ذلك.
لفرض عملية التوازن في الصراع الأزلّي بين السلطة والحرّية، كان لزامًا تكرّيس رقابة قضائية من أجل حماية حرّية التنقُّل، وفي هذا الخصوص يُشكّل تدخّل القاضي الإداري أهمّ ضمانة قضائية لحماية هذه الحرّية، سواء كان ذلك على مستوى قضاء الاستعجال أو قضاء الموضوع، حيث زوَّده المُشرِّع بكل الآليّات القانونية التي تسمح له بتحقيق التوازن المنشود بين تغليب جانب الإدارة في عملية تحقيق المصلحة العامة إذا كان تصرّفها قانونيًا، أو الانتصار للأفراد وحماية حرّيتهم في التنقُّل إذا كشف عن عدم مشروعية القرار أو التصرّف الإداري، وكل ذلك يتم في ظلّ الاستقلاليّة والجرأة التي يعمل القاضي الإداري في نطاقها، والتي تدعمه أو تثنيه على تكرّيس رقابة فعّالة لحماية هذه الحرّية، وذلك بالنّظر للخصوصيّة التي تطبع هذا التدخّل نتيجة ارتباط الغاية من تقييد هذه الحرّية بمفاهيم حماية النظام والأمن العموميين والمصالح العليا للدولة.