Résumé:
تبحث دراستنا الموسومة بـ "القيم في البرامج الاجتماعية على قناة الشّروق الفضائية الجزائرية - دراسة تحليلية على عينة من برامج قناة الشّروق tv-"، في البنية الوظيفية للقيم عبر ما تعرضه عينة من البرامج الاجتماعية التي تبوأت مقعدا مهما ضمن الشّبكة البرامجية لقناة الشّروق العامة، وضمن سياق هذا الهدف نسعى إلى إبراز البناء الاجتماعي الذي تعكسه هذه البرامج، ودراسة الصّور المختلفة للعلاقات الاجتماعية والتّفاعلات القيمية التي تجمع بين عناصره في بعدها المعياري واللّامعياري، حيث تمثل في مجملها حسب تصورنا منظومة القيم المراد إلقاء الضّوء عليها وتحليلها، بناء على ذلك تمحورت إشكالية الدّراسة في التّساؤل الرّئيس الآتي:
كيف تعكس البرامج الاجتماعية على قناة الشّروق tvمنظومة القيم بنائيا ووظيفيا؟
وأدرجنا تحت التّساؤل الرّئيس مجموعة من التّساؤلات الفرعية:
• ما هي أنماط العلاقات الاجتماعية التي جاءت في سياقها القيم في البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة؟
• ما هي القضايا الاجتماعية موضوع القيم التي تدور حولها العلاقات الاجتماعية في البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة؟
• ما هي القيم المعيارية المتضمنة في البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة؟
• ما هي القيم اللّامعيارية المتضمنة في البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة؟
• ما هي عناصر الإخراج الفني التي وظفتها البرامج الاجتماعية محل الدّراسة لتوضيح القيم؟
للإجابة على هذه الأسئلة قمنا بدراسة وصفية تحليلية اتبعنا فيها الإجراءات المنهجية، كما تفرضها خطوات البحث العلمي، حيث اعتمدنا على منهج المسح بالعينة متعددة المراحل، وهي من أكثر الأنواع التي تعتمد عليها دراسات مسح المضمون، وأنسب نوع يحقق جمع البيانات التي تدخل ضمن دراستنا، وبالتّالي فإنّنا استخدمنا في هذه المراحل عدة طرق لاختيار عينة من حصص البرامج المراد تحليلها، وهي كالآتي:
المرحلة الأولى: اختيار ثلاث برامج اجتماعية من بين خمس برامج بطريقة قصدية، وهي برنامج "خط أحمر"، برنامج "افتح قلبك"، برنامج "احكي حكايتك"، المرحلة الثّانية: اختيار الفترة الزّمنية التي تسحب منها البرامج كونها برامج تتكون من عدة مواسم، فقد عملنا على تحليل حصص هذه البرامج التي بثتها القناة خلال دورتها البرامجية لسنة 2019 باعتبارها تقع ضمن المجال المتاح، المرحلة الثّالثة: حددنا المضمون الذي سوف يحلل فعليا من كل برنامج، واخترنا في ذلك جميع الحصص التي استطعنا تسجيلها من كل برنامج خلال الدّورة البرامجية للقناة سنة 2019، بلغ عددها الإجمالي" 37" حصة.
اعتمدنا في جمع البيانات على الملاحظة العلمية، واستمارة تحليل المضمون التي مكنتنا من تقسيم المحتوى الإعلامي للبرامج عينة الدّراسة إلى فئات ووحدات تتوافق والنّسق المفاهيمي للدّراسة وأهدافها، وتتمثل فئات الشّكل في: الأشكال الإعلامية، نوع اللّغة، الإخراج الفني، أمّا فئات المضمون فتتمثل في: أنماط العلاقات الاجتماعية، القضايا الاجتماعية، القيم المعيارية، القيم اللّامعيارية، فئة الفاعلين، فئة الأهداف، وبالنّسبة للوحدات فقد استخدمنا وحدة الفكرة، وحدة السّياق، وحدة الشّخصية، وحدة المقطع الموسيقي، وحدة اللّقطة.
بعد تحليلنا للبيانات الكمية التي تم تجميعها ورصدها بواسطة استمارة تحليل المضمون، واستنادا إلى مسلمات المقاربة البنائية الوظيفية، استطعنا قراءة النّسق القيمي للخطاب الإعلامي في البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة على عدة مستويات:
أولا: البناء الاجتماعي للبرامج الاجتماعية عينة الدّراسة:
بيّنت نتائج الدّراسة أنّ البناء الاجتماعي الذي تعكسه البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة يظهر على شكل شبكة من العلاقات الاجتماعية التي تجمع بين عناصرها روابط اجتماعية، تستند إلى نسيج قيمي معياري يؤدي وظيفة تكامل بين هذه الأنساق حتى يضمن استقرارها واستمرارها، وآخر لا معياري يشير إلى كلّ ما هو غير مشروع اجتماعيا، ويعرض الأنساق الاجتماعية إلى خلل وظيفي.
ثانيا: نسق القيم المعياري واللّامعياري في البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة:
1/ أكدت بيانات الدّراسة التّحليلية المتوصل إليها حرص البرامج الاجتماعية محل الدّراسة على الاهتمام بالنّسق القيمي الأسري المعياري الذي يتكون من قيمة المودة والرّحمة بين الزّوجين بنسبة (42,30%)، وقيمة الأمومة والأبوة بنسبة (%29,67)، قيمة البنوة بنسبة (17,03%)، قيمة الأخوة بنسبة(09,89%)، وفي الأخير قيمة الحفاظ على الخصوصيات الأسرية بنسبة(01,09%).
2/ أظهرت البيانات الكمية التي توصلنا إليها نسب كبيرة من القيم الأسرية اللّامعيارية في مضامين البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة وبالأخص قيمة كشف الخصوصيات الأسرية التي وصلت نسبتها (42%) بـ 21 تكرار، تليها قيمة الخلاف والصّراع العائلي بنسبة (38%) بـ 19 تكرار، ثمّ تأتي بعدها عدم تحمل الأولياء مسؤولياتهم تجاه أبنائهم بنسبة (08%)، وجاءت كل من قيمة استغلال الأبناء بعد الطّلاق وقيمة عقوق الوالدين وقيمة الشّك وغياب الثّقة بين الزّوجين بنسب متساوية بلغت (04%)، وفي مجملها تعبر عن غياب المعيار القيمي في البناء الأسري لعينة من الحالات التي شاركت في البرامج الاجتماعية محل التّحليل تجلت مؤشراته في كثرة الخلافات، التّهرب من المسؤولية الأبوية، وعقوق الوالدين وانتشار الأنانية والشّك بين الزّوجين وغيرها من التّصرفات التي تقدم صورة نمطية سلبية عن الأسرة الجزائرية، وتسوق لنموذج أسري لا يحفظ خصوصياته وأسراره.
3/ حصلت قيمة العمل الخيري والتّطوعي بين القيم الاجتماعية المعيارية على أكبر نسبة قدرت بـ(36,73%)، تأتي بعدها قيمة العلم بـ (17,34%)، ثمّ قيمة الرّحمة والتّسامح بنسبة (14,28%)، ثمّ قيمة الشّرف بنسبة مقاربة بلغت (13,26%)، ثمّ قيمة الاعتزاز بالتّراث الثّقافي بـ (11,22%)، ثمّ قيمة الجيرة بنسبة (07,14%).
4/ كشفت نتائج الدّراسة التّحليلية أنّ هناك ارتفاع كبير لتكرارات القيم الاجتماعية اللّامعيارية التي قدرت بـ 98 تكرار، يرجع 44 منها إلى قيمة الغيبة، حيث يسمح تداول هذه السّلوكات غير أخلاقية بشكل مستمر إلى أن تكتسب صفة المشروعية، وهو ما قد يؤدي إلى إعتلالات على مستوى النّسق الاجتماعي وتفكّك عناصره من خلال نشر البغيضة والأجواء المشحونة بدل حصول الصّلح والتّسامح، ثمّ جاءت بعدها قيمة العنف بنسبة (24,48%)، ثمّ الاستغلال والخداع بنسبة (17,34%)، ثمّ رفض الصّلح بـ(09,18%)، وفي الأخير التّهديد بنسبة (%04,08).
5/ تضمن الخطاب الإعلامي في البرامج الاجتماعية محل الدّراسة شكلين من الرّسالات الاتصالية ذات الأبعاد القيمية: وهي القيم التّواصلية المعيارية بـ 336 تكرار تتمثل في قيمة الإقناع والحوار بنسبة (45,83%)، ثمّ جاءت بعدها قيمة السّرد بنسبة (20,83%)، ثمّ قيمة الحكم والأمثال بنسبة (16,66%)، ثمّ الفكاهة بـ (08,33%)، ثمّ قيمة تبادل التّحية والسّلام بنسبة (05,65%)، وفي الأخير قيمة التّفاوض بنسبة (02,67%). القيم التّواصلية اللّامعيارية بـ 9 تكرارات ترجع أكبر نسبة لقيمة تبادل أصابع الاتهام وإنكار التّهم، ثمّ جاءت بعدها كل من قيمة التّهرب وعدم قبول الحوار وقيمة السّب والشّتم ، في حين لم نسجل أي تكرار لقيمة الصّراخ وعدم احترام الآخر.
ثالثا: الانعدام النّظامي (الانعدام الأخلاقي للوسائل) في البرامج الاجتماعية عينة الدّراسة:
اعتمدت البرامج الاجتماعية لفك النّزاعات وتعزيز العلاقات الاجتماعية وتحقيق التّماسك الاجتماعي على وسائل غير مشروعة نظاميا، عبرت عنها بعض القيم اللّامعيارية مثل قيمة كشف الخصوصيات وقيمة الغيبة، وهو ما أوقعها في الانعدام النّظامي في الوسائل، خاصة حينما أكدت على قيمة حفظ الخصوصيات بتكرارين أي بنسبة (01,09%)، وقيمة الرّحمة والتّسامح بـ 14 تكرار بنسبة (14,28%) بدرجة لا تتناسب مع التّأكيد على الجانب الآخر المتمثل في كشف الخصوصيات الأسرية بـ 21 تكرار بنسبة (42%)، وقيمة الغيبة بـ 44 تكرار أي بنسبة (44,89%).
رابعا: لتوضيح القيم وتأكيد معانيها تعمّدت البرامج الاجتماعية محل الدّراسة استخدام بعض من العناصر الشّكلية التي لها دور في الإبراز وإثارة الاهتمام وتحقيق استمرارية المشاهدة، ونجد منها التّنويع في استخدام الأشكال الإعلامية كقالب الحوار الجماعي، الحوار الثّنائي، التّقرير، الحديث المباشر، مشاهد تمثيلية. استخدام مختلف المستويات اللّغوية حيث ظهرت اللّهجة العامية واللّغة العربية، اللّغة الفرنسية، اللّغة الألمانية، إلى جانب توظيف مؤثرات صوتية متنوعة ولقطات متعددة.