Résumé:
تهتم هذه الدراسة بالأزمة السورية من خلال التركيز على المخرجات والتفاعلات الجيوستراتيجية التي أفرزتها على مستوى محيط سورية الإقليمي، الذي يعتبر جزءاً من منطقة الشرق الأوسط؛ حيث يُغطي شرق المتوسط، ومنطقة الخليج العربي إلى غاية البحر الأحمر وصولاً إلى إيران، وتركيا شمالاً من خلال التركيز على دول الجوار التي وصلتها موجة الثورات العربية (اليمن، ليبيا)، والتي تأثرت بها (العراق، لبنان)، إلى جانب تقديم قراءة تفكيكية للأسباب التي أدت إلى اندلاعها بين ماهو مرتبط بالداخل السوري، والخارجي المتعلق بالوضع الإقليمي والدولي. كما أن الأزمة السورية التي نشبت سنة2011م، جعلت المنطقة محل استقطاب للفواعل الإقليمية (تركيا، إيران، إسرائيل، قطر والسعودية)، والفواعل الدولية (روسيا، أمريكا والصين)، الفواعل غير الدولاتية (الأكراد وحزب الله)، والفواعل غير الدولاتية العنيفة (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش).
وتمتلك أغلب الدول المنخرطة في الأزمة السورية رصيداً نظرياً أو أرضية فكرية توجه سلوكياتها الخارجية لتجسيد مشاريعها المرتبطة برهانات جيوسياسية وجيوستراتيجية مرتبطة بالنفوذ، وإظهار القوة، والمدفوعة بنجاحاتها التاريخية، وتتحكم في مواقفها مجموعة من المحددات لاسيما المحدد الجيوستراتيجي. فملامح التغيرات الجيوستراتيجية انعكست على أدوار الدول في المنطقة التي كيفتها مع المستجدات التي جاءت بها الأزمة السورية.
وعلى مستوى التوازنات؛ فقد قدمت روسيا والصين كلاعبين جيوستراتيجيين يتحديان بقوة الوضع القائم، والتسوية الجيوسياسية لنهاية الحرب الباردة التي همشت القوى الأوراسية، في مقابل انكفاء الدور الأمريكي في المنطقة وتوجهها لتطويق الصين في بحرها الجنوبي. مما يؤكد أن النظام الدولي يمر بمرحلة تحول هيكلي؛ بحيث أصبحت مجبرة على أن تتنافس مع القوى التعديلية على النفوذ في المناطق التي تمتلك ميزة جيوستراتيجية.
إلى جانب تمدد النفوذ التركي والإيراني، وكذا تأثر التحالفات التي نُسجت منذ عقود، تم تعزيز التحالف الثلاثي الروسي، الصيني والإيراني، وتراجع الثقة بين أمريكا وشركائها الخليجيين، بالإضافة إلى صعود التنافس على الزعامة الإقليمية بين ثلاث نماذج مختلفة للإسلام السياسي (الشيعي الإيراني، الإخواني التركي المتحالفة مع قطر، السلفي السعودي).