Résumé:
يعد الطابع الانتشاري لنزاعات مرحلة ما بعد الحرب الباردة، أحد أبرز الأبعاد الأنطولوجية التي أضحت ترتسم بها ملامح مناطق النزاع بالقارة الإفريقية، وخاصة منطقة الساحل الإفريقي؛ حيث تؤثر تداعيات هذه الخاصية النزاعية على إعادة ترتيب المنطقة كمركب نزاعي إقليمي، يكشف عن تعقيدات خطيرة للوضع الأمني في ظل سياقات محلية لنظم سياسية هشة، وغير قادرة على بناء حوكمة داخلية وتنمية مستدامة لمواجهة أوضاعها الداخلية الصعبة، وكذا طبيعة السياقات الإقليمية والدولية التنافسية، التي أسست لبيئة ساحلية منتجة للخوف وحاضنة له، مما يجعلها أرض خصبة لانتشارية النزاعات المسلحة الداخلية بالمنطقة من دولة مصدر النزاع الأصلي ( خاصة مالي) نحو دول الهدف (الجوار الجغرافي)، وعليه تهتم هذه الدراسة بالبحث في مدى ديناميكية الإدارة الساحلية المشتركة التي تتبناها دول المنطقة لمواجهة تعقيدات النزاع الانتشاري بالمنطقة، ومدى نجاعتها في تفكيك مركب النزاع الإقليمي الساحلي.
وقد توصلنا إلى أننتشارية النزاعات المسلحة الداخلية في منطقة الساحل الإفريقي زادت من تعقيدات الوضع الأمني، سواء بخلق جاذبات كامنة سلبية أو التسريع بصعودها للسطح أو تحولها إلى جاذبات ظاهرة سلبية تفسر جانبا من التحول السريع من حالة السلم إلى النزاع والعكس، هذا الوضع يتطلب تبني استجابة مشتركة ديناميكية تناسب التعقيدات التي تفرضها هذه الطبيعة النزاعية، فإعادة ترتيب المنطقة انطلاقا من مضمون نزاعي في شكل مركب نزاع إقليمي ساحلي، يحتاج إدارة ساحلية مشتركة قادرة على الجمع بين عدة مناهج (تكتيكية، إستراتيجية، شبكاتية) في إطار نهج شامل قصد تعزيز قدرات نظم المنطقة على تفكيك تعقيدات النزاع المسلح الداخلي دون إغفال عملية تفكيك مركب النزاع الإقليمي الساحلي،ما يتطلب إرادة فعلية (تفتقدها أغلب دول المنطقة)وديناميكية قادرة على تفكيك مختلف تعقيدات الوضع الأمني بمنطقة الساحل الإفريقي.