Résumé:
تتناول هذه الأطروحة المعونة من أجل التنمية كسياسات للتمويل الخارجي من طرف البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في بلدان منطقة الساحل الإفريقي التي مرت بمراحل عديدة طبعت التاريخ الحديث للتنمية فيها، فغداة الإستقلال، موّلت الموسستان المشاريع الإستراتيجية كالمستشفيات والسدود ومشاريع البنية التحتية ضمن النظام الإشتراكي الذي طغى فيه التوجيه والتسيير الحكومي إذ إِتّسم بسياسات الدعم للشركات العامة وشبه الحكومية والقروض العمومية والتوسع في الصناعات بدل الإستيراد وزيادة الإستثمار العام لكن هذه السياسات وُصفت بالعجز وعدم الكفاءة بسبب حداثة التجربة ونقص المعرفة والفنيين وغياب المدخلات المستوردة.
وَسَعت الأطروحة إلى التأكيد على أن فشل التنمية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي في بلدان منطقة الساحل الإفريقي إضافة إلى الأسباب السابقة كان بسبب محاربة الدول الغربية المساهمة في البنك العالمي وصندوق النقد الدولي للميزة النسبية للمنتوجات الزراعية لبلدان المنطقة على غرار القطن والأرز وكذلك الحمائية التي فرضتها الدول الغربية في وجه صادراتها، ضف إلى ذلك أزمات الجفاف وتخلّف البنية التحتية بسبب الإرث الإستعماري وتنامي المديونية الخارجية وأزمات الطاقة حيث أدخلت بلدان المنطقة في أزمة إقتصادية حادّة، طلبت على إثرها مساعدة مؤسسات بروتن وودز بحثا عن مصادر تمويل التنمية.
وبغض النظر عن الشرطية السياسية العالية، قبلت بلدان المنطقة القروض المشروطة لإصلاح القطاع العام بصعوبة والتحوّل عن النظام الإشتراكي للتسيير الإقتصادي في مقابل حصولها على المال السائل المطلوب بإلحاح لإجابة الحاجات الأساسية لشعوبها وقَبِلت تنفيذ وصايا إجماع واشنطن والخضوع لسياسات التثبيت والإستقرار أولاً والتكيف والتعديل الهيكليين لاحقًا.
وقد أفرز تطبيق سياسات التكيف الهيكلي والتعديل القطاعي عدة إنعكاسات منها تدهور الحالة الإقتصادية لهذه البلدان وتراجع خدمات الصحة والتعليم علاوة على تنامي الدين الخارجي وخدماته، ووفقا لهذه النتائج سلك البنك العالمي وصندوق النقد الدولي طريقا مغايرا لمقاربة التنمية بإدخاله للمؤشرات الإجتماعية في نهجهما لمحاربة الفقر منتصف التسعينيات من القرن الماضي ومنها شبكات الأمان الإجتماعي مع التركيز على الصحة والتعليم.
وتماشيا مع الإلحاح الشعبي والدولي على التصدي لتفاقم معضلة الفقر الذي إنعكس خاصة في إعلان الألفية للأهداف الإنمائية عام 2000 والذي عزز مبدأ القضاء على الفقر والجوع والنهوض بالصحة والتعليم كأولويات في جميع الخطط التنموية للبلدان الفقيرة، أطلق البنك العالمي وصندوق النقد الدولي أوراق إسترايجية الحد من الفقر كآلية برامجية تمتاز بالملكية الوطنية والمشاركة والمساءلة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وعلى إثر ذلك تبنّت بلدان منطقة الساحل الإفريقي خططا إستراتيجية لتحقيقها وفق التمويلات الخارجية الموعودة وبناء على الموارد المالية الذاتية.
وخلصت الأطروحة إلى أن سياسات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في بلدان منطقة الساحل الإفريقي لم تحقق التنمية المرجوّة لا في الكرّة الاولى عندما فرضت التكيف الهيكلي ولا في الكرّة الثانية مع أوراق إستراتيجية الحد من الفقر حين فشلت في زيادة النمو وتحسين نصيب الفرد في الناتج الإجمالي المحلي والنهوض بقطاعي الصحة والتعليم من جهة وتعثّرها في بلوغ هدف القضاء على الفقر والجوع من جهة أخرى.
وتوصلت الأطروحة إلى أن التأسيس من جديد في بناء تنمية ذاتية على الموارد والإختيارات الوطنية وتعزيزها بالتعاون الإنمائي الدولي مع التركيز على المشاركة الفعالة لبلدان المنطقة في وضع إسترتيجية إقليمية بديلة للحد من الفقر.