Résumé:
وتبرز أهمية الأخلاق المهنية في كونها مؤشرا على التطور الحضاري للمجتمعات ، فعلماء الاجتماع يرون بأن نجاح المنظمات مرهون بمدى امتلاك العاملين بها لأخلاق مهنية يعتمدون عليها في ممارساتهم المهنية، فهي تتصدر قائمة شروط النجاح في أي سلوك يسلكه الأفراد، فالمنظمات تسعى دائما إلى تحقيق جودة الأداء عن طريق تعزيز الصفات الايجابية لدى العاملين بها، خاصة المنظومة الأخلاقية، فالأداء الفعال لا يمكن أن يتشكل بعيدا عن الاستثمار الأمثل للوقت والتواصل الفعال فضلا عن التعاون والاحترام، فأسلوب الأداء وكيفية تعامل العاملين مع بعضهم والوقت الذي يأخذونه في انجاز مهامهم يعطي صورة عن القيم والمبادئ التي يحملونها،وبهذا يختلف الأفراد العاملون في مجموع الأخلاق المهنية التي تتحكم في أدائهم ومدى انجازاتهم.
وجاءت هذه الدراسة تحت عنوان الأخلاق المهنية وعلاقتها بالأداء الوظيفي إذ تهدف لإبراز تأثير الأخلاق المهنية في الأداء الوظيفي، وكشف دور الالتزام في تقليل الغيابات لدى العاملين، وكذا محاولة التعرف على مدى إسهام التعاون في زيادة سرعة تقديم الخدمة، ودور احترام الزملاء في زيادة فعالية إنجاز المهام .
ولتحقيق ذلك انطلقنا من التساؤل الرئيسي التالي :
هل تؤثر الأخلاق المهنية على الأداء الوظيفي للعاملين بالمؤسسة العمومية الإستشفائية بالميلية؟ وقد تفرع عنه التساؤلات الفرعية التالية :
- هل يسهم الالتزام في العمل لدى العاملين في تقليل الغيابات؟
- هل يسهم التعاون في زيادة سرعة تقديم الخدمة؟
- هل احترام الزملاء يزيد من فعالية انجاز المهام؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات قمنا بصياغة الفرضية العامة التالية: تؤثر الأخلاق المهنية على الأداء الوظيفي للعاملين بالمؤسسة العمومية الإستشفائية بالميلية
وقد احتوت ثلاثة فرضيات فرعية تتمثل في:
- يسهم الالتزام في العمل لدى العاملين في تقليل الغيابات .
- يسهم التعاون في زيادة سرعة تقديم الخدمة .
- احترام الزملاء يزيد من فعالية انجاز المهام .
وقد احتوت هذه الدراسة على شقين إحداهما نظري والآخر ميداني تركزا حول سبعة فصول متسلسلة جاءت على النحو التالي:
فصل التصور النظري للدراسة وهو الفصل الأول حيث تناولنا فيه إشكالية البحث وفرضياتها، وأسباب اختيار الموضوع وأهدافه وأهميته، بالإضافة إلى تحديد المفاهيم المتعلقة بموضوع الدراسة.
ولقد جاء الفصل الثاني تحت عنوان التراث النظري للموضوع والذي تناول بعض الدراسات السابقة التي تناولت أحد جوانب الموضوع وأهم النظريات التي فسرت موضوعنا.
حيث تمحور الفصل الثالث حول متغير الأخلاق المهنية، ويندرج تحته عنوانين الأول يدور حول ماهية الأخلاق المهنية، وقد شملت كل من أهمية الأخلاق المهنية وأهدافها وشروطها، وكذا دورها والمعايير والقواعد التي تحكم الأخلاق المهنية ومصادرها، والثاني يدور حول سوسيولوجية الأخلاق المهنية ويشتمل على عقبات تطبيق الأخلاق المهنية ووسائل ترسيخها والعوامل المؤثرة فيها، وكذا الأخلاق المهنية في الدول العربية، وأخيرا الأخلاق المهنية في الإسلام.
أما الفصل الرابع تمحور حول متغير الأداء الوظيفي ويندرج تحته عنوانين الأول يدور حول ماهية الأداء الوظيفي وقد شمل كل من أهمية وخصائص وعناصر ومحددات ومكونات الأداء، وكذا شروط ومعايير الأداء الوظيفي، وأخيرا أبعاد الأداء الوظيفي، أما الثاني فيدور حول تقييم الأداء الوظيفي والذي شمل أهمية وأهداف تقييم الأداء وكذا معايير وطرق تقييم الأداء.
وقد جاء الفصل الخامس تحت عنوان الإجراءات المنهجية للدراسة والذي شمل مجالات الدراسة (الزماني، المكاني والبشري)، وكذا مجتمع وعينة الدراسة، والمنهج المستخدم وأدوات جمع البيانات، وأخيرا أساليب معالجة وتحليل البيانات.
بينما جاء الفصل السادس تحت عنوان عرض وتحليل وتفسير البيانات الميدانية، حيث شمل عرض وتحليل وتفسير بيانات الفرضية الأولى، وكذا عرض وتحليل وتفسير بيانات الفرضية الثانية وعرض وتحليل وتفسير بيانات الفرضية الثالثة.
حيث تمحور الفصل السابع حول مناقشة نتائج الدراسة، والذي شمل على مناقشة النتائج في ضوء فرضيات الدراسة، ومناقشة النتائج في ضوء الدراسات السابقة، وكذا مناقشة النتائج في ضوء النظريات المفسرة للدراسة، وأخيرًا النتائج العامة للدراسة.
وقد قمنا بإجراء هذه الدراسة بالمؤسسة العمومية الإستشفائية منتوري بشير بالميلية –جيجل- حيث شملت عينة الدراسة على 50 عامل. اختيروا بطريقة عشوائية طبقية بنسبة 10 % من مجتمع الدراسة المتكون من 507 عامل، واعتمدنا على المنهج الوصفي الذي يصف الظاهرة موضوعيا بالاعتماد على البيانات التي تم جمعها عن طريق الاستمارة التي استخدمت كأداة رئيسية لجمع البيانات، والتي احتوت على أربعة محاور وضمت 26 سؤالا. منها أسئلة مفتوحة وأخرى مغلقة .
وكذلك الملاحظة والمقابلة كأداتين مساعدتين.واعتمدنا في اختبار صحة الفرضيات أسلوبين الكمي. الذي يشتمل على التكرارات والنسب المئوية والأسلوب الكيفي الذي يشتمل على تفسير وتحليل البيانات وقد تم التوصل إلى النتائج التالية:
للأخلاق المهنية دورا كبيرا في حياة العاملين، فأدائهم الوظيفي مقرون بالأخلاق المهنية التي يتمتعون بها، فعدم مغادرة مكان العمل قبل انتهاء الوقت الرسمي للعمل وطلب الإذن لأخذ إجازة يعبران عن الالتزام في العمل ، و ذلك باعتبار العمل واجب يلزم العمال الانضباط و القيام بمتطلبات المهنة، كما أن التعاون يزيد من سرعة تقديم الخدمة لأن العمل الجماعي يكون أحسن، فهو يخفف من ضغط العمل، و يسهل العمل الصعب كما يساعد على التحفيز و التغطية على النقص الفردي في الأداء مما يزرع الثقة في نفوس العاملين وبذلك يكتسبون خبرات أخرى، فيؤدي ذلك الى الإتقان و الجودة و سرعة الأداء، و احترام الزملاء يزيد من فعالية انجاز المهام، لأن تقدير إنجاز العامل يزيد من عزيمته و الرفع من ثقته بنفسه فيحاول القيام بعمله على اكمل وجه.