Résumé:
تلعب الدراما التلفزيونية دورا بالغا في نقل الأفكار والقيم والايديولجيات وكذا معالجة الواقع باعتمادها على جماليات اللغة البصرية، ولعل الدور الثقافي للدراما هو من أكثر الأدوار جدلية كونها سلاح ذو حدين تعمل على هدم أو بناء قيم المجتمع وتعزيزها، كما تقوم بالترويج للقيم الثقافية لمجتمع ما وفق ما يتناسب والجمهور المشاهد .
وفي هذا الإطار جاءت دراستنا هذه للبحث عن مختلف التمثلات الثقافية التي تتضمنها الدراما التلفزيونية الجزائرية ومدى ارتباط العناصر الرمزية بالسياق الثقافي للمجتمع الجزائري من خلال دراسة سيميولوجية على عينة من حلقات مسلسل "الخاوة ".
ولمعالجة الإشكال المطروح قسمنا التساؤل الرئيسي إلى جملة من التساؤلات تبحث عن الإيحاءات والتمثلات الثقافية من خلال دلالات المكان، الديكور، اللغة، الأزياء، الموسيقى، وكذا العادات والتقاليد بما فيها من قيم دينية، أخلاقية، واجتماعية.
إن اختيارنا لهذا الموضوع جاء بناء على عدة أسباب أهمها : أهمية الموضوع بحذ ذاته والتي تنبع من أهمية التلفزيون كوسيلة اتصال جماهيرية ذات تأثير بالغ على جمهورها والدراما التلفزيونية التي حازت على اهتمام الباحثين على اعتبار أنها حاملة للثقافة، بالإضافة إلى دراسة الدراما التلفزيونية في بعدها الثقافي من خلال تحليل مختلف الصور الذهنية التي تحملها عن الهوية الثقافية الجزائرية لدى جماهيرها كما أن موضوع التمثلات الثقافية في الدراما التلفزيونية لم يلق الاهتمام من قبل الباحثين في الدراما عامة والدراما الجزائرية خاصة، وللتعمق أكثر كانت أهداف دراستنا كالآتي:
- الدراسة المعمقة لموضوع التمثلات وارتباطها بالثقافة في المضامين الدرامية المنتجة، بالإضافة إلى تحليل مختلف التمثلات الثقافية التي تحملها الدراما التلفزيونية الجزائرية من خلال مسلسل الخاوة، سواء ما تعلق بالأزياء، اللغة، المكان والديكور، الدين الإسلامي، الوطنية (العادات والتقاليد، القيم الاجتماعية والأخلاقية، الموسيقى ... ) لإيضاح ومعرفة الصورة الذهنية المشكلة عن ثقافة المجتمع الجزائري، والتعرف على أهم الإيديولوجيات الممرة عبر حلقات المسلسل موضوع الدراسة .
- وللوصول إلى هذه الأهداف اعتمدنا في إجراء هذه الدراسة الوصفية على منهج "الوصف التحليلي" الذي يعرف على أنه" وصف دقيق ومنظم وأسلوب تحليلي للظاهرة أو المشكلة المراد بحثها من خلال منهجية علمية، للحصول على نتائج موضوعية وتفسيرها بطريقة حيادية، بما يحقق أهداف البحث "، ونظرا لضيق الوقت وصعوبة تطبيق خطوات منهجيتنا على كل مفردات البحث فقد اعتمدنا على أسلوب المعاينة باختيار العينة العشوائية المكونة من أربع حلقات من مسلسل الخاوة هي: الحلقة الأولى، الثانية، العاشرة، والرابعة والعشرون، مستخدمين في جمع المعلومات أداة التحليل السيميولوجي بتطبيق المقاربة السيميولوجية (لرولان بارث)، حيث قمنا في المستوى التعييني بالتقطيع التقني والقراءة التعيينية، وفي المستوى التضميني قمنا بالتحليل والبحث عن مختلف دلالات والرموز الثقافية .
و بعد تحليلنا توصلنا إلى جملة من النتائج أهمها:
- أن مسلسل "الخاوة" الجزائري وظف تمثلات ثقافية غربية لم تعطي الإحساس بالانتماء إلى الثقافة الجزائرية، ولم تعبر عن الهوية الثقافية للمجتمع الجزائري، بحيث أن المخرج اعتمد على المرجعية الثقافية الغربية وغيب رموز الثقافة الجزائرية العربية الإسلامية، مما أدى إلى عدم توافق بين الواقع المعاش في الوسط الجزائري، والمجسد في المسلسل التلفزيوني" الخاوة " وهذا أعطى نوع من التغريب الثقافي.
- اعتمد المخرج على الأماكن الحديثة التي تتوافق وأحداث العمل الدرامي ،كما أبرز بعض الأماكن المحضورة وغيب الأماكن التقليدية والشعبية المحترمة التي تعتبر جزء من الثقافة الجزائرية.
- أن اللباس يحمل ثقافة اللباس الغربي ولا يعبر عن هويتنا، حيث مثل لنا المخرج المرأة بلباس العري والسفور والإغراء، مما أعطى إيحاءات ضمنية بتحرر المرأة الجزائرية والتفسخ وغياب الحشمة، هذه الرموز حملت صور ذهنية خاطئة عن لباس المرأة الجزائرية .
- غيب لنا المخرج الصورة الحقيقية للرجل الجزائري الأصيل المعروف بالخشونة والرجولة والحياء والشرف"النيف"، وعلى هذا فإن تمثلات لباس الرجل في المسلسل عبرت عن غزو وتبعية ثقافية محضة.
- أكدت هذه الحلقات على الازدواجية اللغوية الذي يعيشها المجتمع الجزائري .
- غياب العادات والتقاليد الجزائرية كالأعياد الدينية، وحفلات الختان، وبروز عادات جديدة دخيلة على مجتمعنا، تتنافى وتعاليم ديننا الحنيف.
- روج المسلسل إلى مجموعة من القيم غير الأخلاقية وغير الإجتماعية والبعيدة كل البعد عن المجتمع الجزائري ببعده العربي الأمازيغي الإسلامي، عبرت عن التنميط الثقافي المتشبع بالقيم المادية الاستهلاكية.
و تجدر الإشارة إلى أن المسلسل تضمن بعض التمثلات الايجابية عبرت عن الثقافة الجزائرية رغم قلتها.