Résumé:
إن محاولة الحكم لكل متتبع للدرس اللساني العربي الحديث تجعله يصل إلى تصنيف الباحثين الذين عنوا به إلى ثلاثة أصناف ، كل حسب اتجاهاته وميوله والقناعة التي يرضى بها صنف أول يمثل القبول والذوبان المطلق بصفة تامة لكل ما جاء وورد من الدرس اللساني الغربي ، وهذا ما يعرف بالطرح المعزول عن الذّات ، أي طرح الجديد وإماتة القديم .
هذا ما حدث مع الصنف الأول فضاعت من بين سطورهم جهود أكثر من اثني عشر قرنا من الدراسات اللغوية للغة العربية وهذا ما أدى إلى الانسلاخ عن الحضارة العربية الإسلامية ومعالمها كالقرآن الكريم ، فلغة القرآن محروسة بقوانين العربية في النحو والصرف والمعجم ، أما الصنف الثاني فقد كان معارضا بشدة لكل ما جاء من الغرب ، محافظا مقلدا للأوائل الذين صنعوا تاريخ هذه الأمة ، فليس من السهل أن يقام هذا العلم الجديد داخل مجتمع متمسك إلى حد كبير بموروث فكري حضاري إسلامي ، في حين نشأ الدرس اللساني الحديث داخل مجتمع متعدد ال رؤى والاتجاهات ، وال لّساني ون العرب الأوائل من خريجي الجامعات الفرنسية والألمانية والبريطانية حين طرحوا اللسانيات من غير قصد على أنها العلم الذي حرّر الدروس اللغوية في أوروبا من الأوهام غير العلمية