Résumé:
لم تعد متابعة المشاهد الجزائري للقنوات التلفزيونية الجزائرية اليوم مقتصرة على قناة حكومية واحدة فقط في الجزائر كما كان عليه الحال سابقا، بل أتاحت التكنولوجيات الحديثة للإعلام و الاتصال و تقنياته المتطورة الفرصة لهدا المشاهد لاختيار ما يشاهده من قنوات و المفاضلة بينها، في ضل ظهور الأقمار الصناعية و تطور تقنية البث الفضائي التلفزيوني التي سمحت على غرار دول العالم بميلاد فضائيات تلفزيونية جزائرية جديدة، خاصة بعد صدور قانون الإعلام 05/12 مع بداية سنة 2012، الذي يسمح بموجبه للخواص بالاستثمار في مجال الإعلام التلفزيوني من خلال إنشاء قنوات تلفزيونية خاصة، وهو ما كان يأمله المشاهد الجزائري بعدما كان هذا القطاع تحديدا حكرا على الدولة لسنوات خلت.
و لعل أولى الفضائيات التلفزيونية الخاصة التي برزت إلى الساحة الإعلامية الجزائرية كانت قناة النهار الإخبارية التي أحدثت ولا زالت تحدث جدلا كبيرا لدى الجزائريين مند انطلاق بثها الأول في 06 مارس 2012، لاعتبارات عدة جعلت منها قضية رأي عام وطني في عديد المحطات، تجلت من خلال موجة الرفض الشعبي لها، و الانتقادات الكثيرة و المتكررة التي طالتها، كان آخرها سلسلة الحملات الإعلامية التي جعلت منها موضوعا دسما لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر تنادي بمقاطعة مشاهدتها، إلا أن الملاحظ عمليا في الواقع أن نسبة تعرض المشاهد الجزائري لهذه القناة كبيرة وفق ما تؤكده معظم التقارير الخاصة بالكشف عن نسب مشاهدة الفضائيات الجزائرية في الجزائر، و الصادرة عن مراكز و معاهد متخصصة (MMR، IMMAR) التي ترتب قناة النهار قي مراتب متقدمة، لاستحواذها حسبها على نسب مشاهدة عالية.
و في ضوء هذه المفارقة، جاءت هذه الدراسة الميدانية التي تدخل ضمن الدراسات الوصفية، لتكشف عن طبيعة الصورة الذهنية لقناة النهار الإخبارية الجزائرية الخاصة لدى جمهورها، الذي اخترنا أن يكون من النخبة الجزائرية ممثلا في أساتذة جامعيين و تحديدا أساتذة قسم علوم الإعلام و الاتصال بجامعة جيجل، لاعتبارات علمية و منطقية عديدة، جيث اعتمدنا فيها استمارة الاستبيان كأداة لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات و البيانات وفق ما يتطلبه مثل هذا النوع من دراسات جمهور وسائل الإعلام، مستندين في تحليل معطياتها و تفسير نتائجها على مبادئ و أدبيات العلاقات العامة.ففي شقها النظري، حاولت الدراسة الإلمام بكل متغيراتها و الإحاطة بها من خلا تقديم معلومات نظرية كافية عنها تخدم أهدافها، فيما أفردت شقها التطبيقي لمحاولة الكشف عن طبيعة الصورة الذهنية لقناة النهار الإخبارية الخاصة لدى أساتذة قسم علوم الإعلام و الاتصال بجامعة جيجل، وذلك بالنزول إلى الميدان و جمع المعلومات الميدانية التي تتطلبها الدراسة ، وتبويبها و تحليلها و تفسيرها، واستخلاص نتائجها الني أجابت عن جملة تساؤلاتها الفرعية، والتي كانت قد صيغت كمؤشرات للكشف عن طبيعة صورة هذه القناة وتحديدها في ذهن الأستاذ المبحوث، ساعدت في النهاية على الإجابة عن تساؤلها الرئيسي، حيث توصلت الدراسة إلى أن الأغلبية المطلقة لأساتذة قسم علوم الإعلام و الاتصال، يملكون صورة ذهنية سلبية عن قناة النهار الجزائرية الإخبارية الخاصة نتيجة لعوامل عدة كشفت عنها هذه الدراسة كنتائج لها كان أهمها:
- تعتبر قناة النهار الجزائرية الإخبارية الخاصة مصدرا غير موثوق للأخبار بالنسبة للأغلبية المطلقة من أفراد عينة الدراسة.
- يرى أفراد العينة عدم التزام قناة النهار في عموم برامجها بأخلاقيات الممارسة الإعلامية لما تقدم عليه من ممارسات تتنافى مع أدبيات هذه الأخيرة.
- لا تعمل قناة النهار الإخبارية على تعزيز القيم الاجتماعية و الثقافية والدينية للمجتمع الجزائري، بل تسعى أحيانا في بعض برامجها إلى ضربها و تشويهها.
- تعتبر قناة النهار الجزائرية الإخبارية الخاصة، قناة غير جامعة للعائلة الجزائرية من خلال ما تقدمه من برامج، وإن استطاعت يكون ذلك أحيانا لا غير.
- تقدمقناة النهار الإخبارية خدمة عمومية للمشاهد الجزائري لكن بشكل غيركاف.
- لا تعتمد قناة النهار في إعداد و تقديم برامجها على كوارد إعلامية ذات كفاءة عالية مقارنة بنظيراتها من بعض القنوات الأخرى.
- تبقى قناة النهار الإخبارية الخاصة بعيدة نوعا ما عن مواكبه التطورات التقنية الحاصلة اليوم في مجال الصوت و الصورة التلفزيونية.
- لا تلتزم قناة النهار الإخبارية بطبيعة تخصصها و هويتها كقناة إخبارية متخصصة تهتم بالشأن السياسي، من خلال إدراجها لعديد البرامج ضمن شبكتها البرامجية (برامج القنوات العامة) ، والتي لا تتناسب وطبيعة تخصصها الإخباري .
- لا تتمتع قناة النهار الإخبارية بالتنافسية الكافية مقارنة بمثيلاتها من القنوات المنافسة الأخرى، لضعف الأداء الإعلامي و عدم مواكبة التطور التقني.
لتفضي الدراسة في نهايتها إلى تقديم جملة من التوصيات و الاقتراحات من أجل تحسين صورة القناة لدى مشاهديها في الجزائر و استدراك نقائصها.