ظاهرة الهمز عند القارئ نافع-سورة البقرة أنموذجا-

Abstract

فإنَ اللغة العربيّة بجر عذب من المعارف تتوزّع على أربعة مستويات: صوتيّة وصرفيّة ونحويّة ودلاليّة؛ وقد حاز المستوى الأوّل اهتمام المتقتمين والتأخّرين؛ حيث كان الدّافع الأساس لؤلاء هو خدمة القرآن الكيم وقراءاته؛ إذ تحكم هذه الأخيرة علاقة وطيدة بالدّرس الصّوتي؛ فالمتمعّن فيها يجد أنمَا تشتمل على ظواهر صوتيّة كانت سائدة في اللّهجات العربيّة القديمة حافظت عليها القراءات القرآنيّة» ولا غرو في ذلك فالقرآن الكريم هو أصل العلوم والمعارف؛ إذ هو محط أنظار العلماء» ومناط أفكار الفضلاء» وموضع عنايتهم قدا وحديثاء استفادت منه علوم كثيرة» ونملت من معينه الذي لا ينضب؛ ونفعه الذّي لا ينفد كلَّ حسب زاوية بحثه» فتباينت منه مشاريم؛ فمنهم من اعتنى بدراسة لغته؛ ومنهم من نمل من سحر بلاغته وفصاحته؛ ومنهم من دأب على تفسيره واستخراج معانيه وبيان عبره وعظاته واستنباط أحكامه» ومنهم من انه نحو ضبط التطق بكلماته وبيان حروفه وتوضيح مخارجها ومدارجها وصفاتما وتمبيزها عن بعضها؛ إذ بالقرآن يستقيم اللّسان» ويتعلّم المرء فنون الكلام. وقد تكقّل الله عز وجل بحفظ كتابه» ووعد برفعة حملته وأهله؛ وإنّ من وسائل هذا الحفظ ما سر جل ذكره في كلَ عصر ومصر من علماء أجلآء جعلوا القرآن الكريم اهتمامهم في حلّهم وترحالهم» هان عليهم الأب والكلال» فبدلوا النّفس مع الأموال» اهتمّ به في بداية الأمر الصّحابة -رضي الله عنهم- حفظا في الصّدور قبل السطور» وقيٍ الأفعال قبل الأقوالء ثم التّابعون ومن جاء بعدهم ومن سار على هديهم؛ فأقبلوا على هذا الكتاب الكريم إقراء ودراسة وتصنيفا وتأليفا نثرا ونظماء باحثين عن نفائسه ودرره؛ لهم دور في حفظه من التحريف والتصحيف. وكانت ظاهرة الهمز في مقدّمة الظواهر الصّوتيّة التي حظيت باهتمام العلماء؛ فرصدوا مظاهرها وأحوالمها وقواعدهاء ووقفوا على جذورهاء وانتضحت بجلاء عند " القارئ نافع المدني"؛ إذ هذه الظاهرة لا يمكن الوصول إلى فهم مسائلها وفقه دقائقها وأحكامها إلا بالتّجوع إلى القراءات القرآنيّة باعتبارها منطلقا للدّراسات اللَغْويَة.