شعرية الإنزياح في قصيدة "في القدس"لتميم البرغوثي

Abstract

لقد جاوز اهتمام النقاد المعاصرين البحث في اللفظ والمعنى وصحة الوزن والقافية؛ واعتبارما كمعيار لتحديد الشعرية أو الجمالية في العمل الشعري إلى ذلك الاستعمال غير المألوف للغة الشعر أو الخروج عن النمط المعتاد وكسر تلك النمطية في التعابير اللغوية المستعملة في الشعر والتي تصنع تمزه وجاليتهةُ؛ وقد أطلق على هذا الخروج عن المألوف؛ أو هذا الاستعمال الغريب للغة مسميات عدة منها الانزياح» العدول» التجاوز...الخ» والذي يعد من أهم مباحث الأسلوبية؛ ويتمثل في رصد انحراف الكلام عن نسقه المعياري المألوف؛ أو في انتهاك هذا النسق كما يقول جان كوهين» إذ أَنَّ هذا الانحراف أو الانتهاك يؤدي إلى تحقيق الشعرية داخل العمل الأدبي حيث بنى جان كوهين شعريته على الانزياح. فالشعرية تعذُّ من أهم المرتكزات النقدية الحديثة التي تطمح دومًا للكشف عن مكونات النص الأدبي» وكيفية تحقيق الجمالية. وقد حاولنا في هذو الدراسة أن ننطلق من رصد جماليات العدول والانزياح في قصيدة "في القدس" من ديوان "في القدس" للشاعر تميم البرغوثي. وقد وقع اختيارنا على هذه الرائعة من روائع ما كتبه هذا الشاعر الذي يعدُّ من الشعراء المعاصرين الذين واكبث أقلامهم متغيرات العالم الراهنة»؛ وحتمّ عليهم ذلك إخراج نصوصهم الشعرية في نمط جديد تتناسب مضامينة مع متغيرات العصر» وكذلك اهتمامنا بالقضية الفلسطينية والبحث عن ملامحها وتكامنها في طيّات شعره؛ وبالخصوص قصيدته هذوء فهذا الشاعر من أولئك الشعراء الذين حملوا على عاتقهم مأساة شعبهم» والعالم العربي ككل» وسخروا أقلامهم في سبيل نصرته والذوذ عنه. وتهدف دراستنا هذه إلى تحديد جمالية وشعرية الأداء الشعري التي صنعها الانزياح المقصود للشاعر والذي ينتمي أدبه إلى أدب ما بعد الكولونيالية. وسنحاول من خلال موضوع هذا البحث أن ُجيب عن الإشكالية التالية: إلى أي حدّ ساهم الانزياح في تحقيق الشعرية داخل قصيدة "في القدس" لتميم البرغوثي؟ أو ما مدى فاعلية الانزياح في شعرية قصيدة" في القدس" لتميم البرغوثي؟؛ ومنه تفرعت الأسئلة التالية: ما مفهوم الانزياح؟ وما مفهوم الشعرية؟ وكيف تناولها النقد الحديث؟» وللإجابة عن هذه الإشكاليات قدمنا خطة بحث تندرج تحت مقدمة ومدخل وفصلين» فمن خلال المدخل حاولنا إبراز العلاقة بين الأسلوبية والانزياح والشعرية؛ إذ عمد الأسلوبيون إلى تفسير ظاهرة الأسلوب من خلال نظرية الانزياح والتي يرون أنما نموذج آخر من القول» ينظر إليه على أنه نمط يكسر المعيارية والنمطية في التعبير بغية تحقيق الشعرية في العمل الأدبي.