Résumé:
تعدّ الرّواية من أكثر الأجناس الأدبية انفتاحا على التجريب والتأليف المتواصل الذي لا يستقر أبدًا ولا يهدأ، فقد شهدت الرّواية الجزائرية كغيرها من الرّوايات مختلف التحولات والتطورات التي استطاعت من خلالها أنْ تُجسد صرحا خاصا وأن تُحقق ثراءًا فنيّا كبيرًا خلال فترة زمنيّة محدودة، فقد ارتبطت بالقضايا الواقعيّة والاجتماعيّة ومنها التراثية التي تُعبر عن الهويّة، وتجلى هذا في نماذج كث يرة خاصة في الرّواية الاستعماريّة، والذاتية،و الاجتماعية.
التراث يُمثّل روح الأمّة ونبض وجودها وهويتها، ومُقوم من مقومات الشخصيّة العربية ورمز الأصالة وعنوان
سيادا، فهو عالم متشابك من الموروث الحضاري والثقافي والاجتماعي والبقايا السلوكيّة والقوليّة، التي بقيت عبر
التاريخ وانتقلت من بيئة لأخرى، فحضور التراث في الرّواية الجزائريّة ذو أهمية كبيرة لأنّه يتعلق بماضي هذه الأمة،
ودراسته دف إلى إيجاد معنى التواصل بين الماضي والحاضر وإضفاء روح القداسة على الماضي الجميل الذي
نفتخر به، إذْ لم تكن تجربة ال رّوائي هذه في توظيفه لل تراث هي الأولى من نوعها بل سبقه في هذا عدّ ة روائيين
جزائريين أمثال "الطاهر وطاّر" في روايته "اللّاز"، و "واسني الأعرج" في روايته "البيت الأندلسي"...وغيرهم، وعلى
هذا الدرب سار أيضا جيل جديد تأثر ذا المنهج الذي سلكه مُؤسسوا الرّواية الجزائريّة، من بينهم "الصديق
حاج أحمد" الذي حاول على مدار سلسلته الروائ يّة والإبداعيّة التعريف بتراث المنطقة الصحراويّة التواتيّة، بإبراز
هويتها وأصالتها وذلك من خلال استحضاره لمختلف العادات والتقاليد والمعتقدات والطقوس السائدة فيها، ونظرًا
لأهمية التراث وقيمته في العمل الروائي ودوره في مدى الإفصاح عن رؤية الأديب التي تعكس مواقفه الشخصيّة
ومستواه الفكري والثقافي، هذه النقاط والخصائص المتصلة بالرّواية والتراث شكلت سبب إختيارنا لهذا الموضوع
بالذات وهو "الحضور التراثي في رواية مملكة الزيوان" للصدّيق حاج أحمد .